الأستجماتزم هو اضطراب شائع في العين يمكن أن يؤثر على الرؤية بشكل ملحوظ. هذا الاضطراب يحدث عندما يكون هناك انحناء غير منتظم في القرنية أو العدسة، مما يتسبب في تشوه الرؤية وجعلها ضبابية أو مشوهة. ويمكن أن يؤثر الأستجماتزم على الأعمار سواء كبار أو صغار، وغالبًا ما يكون مصحوبًا بأعراض مثل الصداع، والإجهاد العيني، وصعوبة في التركيز.
في هذه المقالة، سنتحدث بشكل شامل عن الأستجماتزم، ونوضح الأسباب المحتملة لحدوثه، وأشهر الأعراض التي قد تشير إلى وجود الأستجماتزم . سنناقش أيضًا كيفية تشخيص الأستجماتزم باستخدام أدوات واختبارات طبية متقدمة، بالإضافة إلى خيارات العلاج المتاحة والتي تشمل النظارات الطبية، والعدسات اللاصقة، والجراحة التصحيحية الليزك. كما سنجيب على الأسئلة الشائعة المتعلقة بهذا الاضطراب البصري.
ما هو الأستجماتزم ؟
الأستجماتزم هو حالة يكون فيها انحناء غير منتظم في القرنية أو العدسة داخل العين مما سبب تشوه الرؤية. هذا التشوه يحدث نتيجة لعدم قدرة العين على تركيز الضوء بشكل صحيح على الشبكية، مما يتسبب في رؤية ضبابية أو مشوهة.
في العين الطبيعية تكون القرنية والعدسة كرويتين تقريبًا، مما يسمح للضوء بالتركيز بدقة على نقطة واحدة في الشبكية. ولكن في حالة الأستجماتزم يتسبب الانحناء غير المنتظم في تشتت الضوء على عدة نقاط في الشبكية بدلاً من نقطة واحدة، مما يؤدي إلى رؤية غير واضحة.
أنواع الأستجماتزم
هناك نوعان رئيسيان من الأستجماتزم وهما:
1- الأستجماتزم القرني
الأستجماتزم القرني هو النوع الأكثر انتشارا ويحدث نتيجة لانحناء غير منتظم في القرنية (الطبقة الشفافة الأمامية من العين التي تساعد في تركيز الضوء الداخل إلى العين)
في العين الطبيعية، تكون القرنية مستديرة ومتساوية في جميع الاتجاهات، مما يسمح للضوء بالتركيز بشكل صحيح على الشبكية. ولكن في حالة الأستجماتزم القرني تكون القرنية متمددة أو مسطحة في اتجاه واحد أكثر من الآخر، مما يؤدي إلى انكسار الضوء بطرق مختلفة. هذا الانكسار غير المتساوي للضوء يتسبب في تشوه الصورة على الشبكية، مما يجعل الرؤية ضبابية أو مشوهة. الأستجماتزم القرني يمكن أن يتواجد مع مشاكل بصرية أخرى مثل قصر النظر أو طول النظر.
2- الأستجماتزم العدسي
الأستجماتزم العدسي يحدث نتيجة لانحناء غير منتظم في العدسة داخل العين، وهي الجزء الشفاف الموجود خلف القزحية والذي يساهم في تركيز الضوء على الشبكية. في العين الطبيعية، تكون العدسة مرنة وقادرة على تغيير شكلها للتركيز على الأشياء البعيدة والقريبة بشكل دقيق.
ولكن في حالة الأستجماتزم العدسي تكون العدسة مشوهة في شكلها الطبيعي، مما يتسبب في انحناء الضوء بشكل غير منتظم عند دخوله العين. هذا يؤدي إلى تكوين صورة غير واضحة أو مشوهة على الشبكية. الأستجماتزم العدسي قد يكون أقل شيوعًا من الأستجماتزم القرني، ولكنه يمكن أن يكون نتيجة لحالات صحية أخرى أو تغييرات في العدسة مع تقدم العمر.
أسباب الأستجماتزم
هناك العديد من الأسباب التي قد تسبب الأستجماتزم ولعل أكثر هذه الأسباب شيوعا هي:
1- العوامل الوراثية
العوامل الوراثية ليها دورًا كبيرًا في تطور الأستجماتزم، فمثلا إذا كان أحد الوالدين يعاني من الأستجماتزم، فمن المرجح أن يرث الأطفال هذه الحالة. هذا يعني أن بنية القرنية أو العدسة التي تؤدي إلى الأستجماتزم يمكن أن تنتقل من جيل إلى جيل.
الوراثة تؤثر على شكل ونمو القرنية والعدسة منذ الولادة، وقد يزداد الأستجماتزم أو يتغير مع مرور الوقت. لذلك، من المهم أن يخضع الأطفال لفحوصات بصرية منتظمة عند طبيب العيون إذا كان هناك تاريخ عائلي للأستجماتزم لضمان التشخيص والعلاج المبكر للأستجماتزم عند الأطفال.
2- إصابات العين
الإصابات الناتجة عن الحوادث مثل الضربات القوية على العين أو دخول جسم غريب، يمكن أن تساهم في تطور الأستجماتزم. كما أن العمليات الجراحية للعين ، مثل جراحات إزالة المياه البيضاء، قد تؤثر على شكل القرنية أو العدسة وتسبب الأستجماتزم.
3- أمراض العين
بعض الأمراض والاضطرابات للعين مثل القرنية المخروطية (Keratoconus) يمكن أن تسبب الأستجماتزم. هذه الحالات تؤدي إلى تغيرات في شكل القرنية، مما يسبب تشوه الرؤية.
القرنية المخروطية هي حالة تتسبب في ترقق وتغير شكل القرنية لتصبح مخروطية بدلاً من كروية، مما يؤدي إلى انكسار غير متساوٍ للضوء داخل العين. هذا التشوه يمكن أن يتسبب في الأستجماتزم الشديد والرؤية المشوهة.
هناك أيضًا حالات أخرى مثل التهاب القرنية أو التهابات العين المزمنة التي قد تؤثر على شكل القرنية وتساهم في تطور الأستجماتزم. تشخيص هذه الأمراض ومعالجتها بشكل صحيح يمكن أن يساعد في تقليل تأثيرها على الرؤية.
أعراض الأستجماتزم
الأستجماتزم يمكن أن يسبب مجموعة متنوعة من الأعراض التي تؤثر على الرؤية والراحة البصرية. تتراوح هذه الأعراض من رؤية ضبابية إلى صداع وإجهاد عيني، مما يؤثر على جودة الحياة اليومية.
1- الرؤية الضبابية
الأستجماتزم يمكن أن يسبب رؤية ضبابية أو مشوهة على جميع المسافات. قد يكون من الصعب رؤية الأشياء بوضوح، سواء كانت قريبة أو بعيدة. هذا التشوه في الرؤية يحدث نتيجة للانحناء غير المنتظم في القرنية أو العدسة، مما يتسبب في تشتت الضوء الداخل إلى العين وعدم تركيزه بشكل صحيح على الشبكية.
نتيجة لذلك، يعاني الأشخاص المصابون بالأستجماتزم من رؤية غير واضحة يمكن أن تؤثر على الأنشطة اليومية مثل القراءة، القيادة، أو مشاهدة التليفزيون قد يشعرون أن الأشياء تبدو مشوشة أو مزدوجة، مما يؤثر على قدرتهم على تمييز التفاصيل الدقيقة.
2- الصداع والإجهاد العيني
الأشخاص الذين يعانون من الأستجماتزم غالبًا ما يشكون من الصداع والإجهاد العيني. هذه الأعراض قد تكون نتيجة لمحاولات العين المستمرة لتصحيح الرؤية. عندما تكون الرؤية مشوشة، يحاول الدماغ والعين بشكل مستمر التركيز بشكل أفضل، مما يؤدي إلى توتر العضلات حول العينين.
هذا التوتر المستمر يمكن أن يتسبب في الشعور بالصداع، خاصة بعد فترات طويلة من القراءة أو العمل على الحاسوب. الإجهاد العيني يمكن أن يظهر أيضًا على شكل تعب أو حرقان في العينين، وقد يصاحبه أحيانًا احمرار أو دموع.
3- صعوبة في التركيز
يمكن أن يعاني الأشخاص المصابون بالأستجماتزم من صعوبة في التركيز على النصوص أو الأشياء، مما يجعل القراءة أو العمل على الحاسوب أمرًا مرهقًا. عدم وضوح الرؤية يجعل من الصعب على العينين التكيف والتركيز على الكلمات أو الصور لفترات طويلة، مما يؤدي إلى تعب العينين وفقدان التركيز.
قد يجد الأشخاص المصابون بالأستجماتزم أنهم يحتاجون إلى فترات راحة متكررة عند القيام بمهام تتطلب تركيزًا بصريًا دقيقًا، أو أنهم يعانون من صعوبة في التبديل بين النظر إلى الأشياء القريبة والبعيدة. هذا يمكن أن يؤثر على الأداء اليومي في العمل أو الدراسة، ويقلل من القدرة على القيام بالأنشطة التي تتطلب دقة بصرية.
كيف يتم تشخيص الأستجماتزم
تشخيص الأستجماتزم يتطلب تقييمًا دقيقًا وشاملًا من قبل طبيب العيون لضمان تحديد الانحناء غير المنتظم في القرنية أو العدسة. يعتمد التشخيص على سلسلة من الفحوصات والاختبارات التي تهدف إلى قياس كيفية تركيز العين للضوء وتحديد مدى تشوه الرؤية. فيما يلي نتناول بعض الخطوات الرئيسية لتشخيص الأستجماتزم.
1- الفحص البصري الشامل
تشخيص الأستجماتزم يتطلب فحصًا بصريًا شاملاً يقوم به أخصائي العيون. يشمل هذا الفحص اختبارات مختلفة لتحديد درجة الانحناء غير المنتظم في القرنية أو العدسة. يبدأ الفحص عادةً بمراجعة التاريخ الطبي للمريض وأي أعراض يعاني منها.
بعد ذلك، يجري الطبيب اختبارات للرؤية لتحديد مدى وضوح الرؤية وقدرة العينين على التركيز. تتضمن هذه الاختبارات استخدام لوحات العين التقليدية، حيث يطلب من المريض قراءة حروف بأحجام مختلفة من مسافة معينة. بالإضافة إلى ذلك، قد يستخدم الطبيب أدوات متقدمة مثل المصباح الشقي لفحص القرنية والعدسة بدقة أكبر.
2- استخدام مخطط قياس الانكسار
مخطط قياس الانكسار هو أداة تُستخدم لقياس كيفية تركيز العين للضوء. يساعد هذا الاختبار في تحديد مدى الأستجماتزم ويُعطي الطبيب معلومات دقيقة حول كيفية تصحيح الرؤية. يتم ذلك عن طريق جهاز يُسمى مقياس الانكسار، حيث ينظر المريض من خلال عدسات مختلفة بينما يقوم الطبيب بقياس كيفية انكسار الضوء داخل العين.
الجهاز يقوم بإنشاء خريطة دقيقة للعين، تظهر الأماكن التي يكون فيها الانحناء غير منتظم. هذا الاختبار يمكن أن يُجرى باستخدام الطرق اليدوية أو الأجهزة الإلكترونية المتقدمة التي توفر قراءات دقيقة وسريعة. باستخدام نتائج هذا الاختبار، يمكن للطبيب تحديد الخيارات المثلى للنظارات أو العدسات اللاصقة التي ستساعد في تصحيح الأستجماتزم وتحسين الرؤية.
استخدام النظارات الطبية لعلاج الأستجماتزم
تعتبر النظارات الطبية الخيار الأكثر شيوعًا لتصحيح الأستجماتزم. تحتوي هذه النظارات على عدسات مخصصة تعوض الانحناء غير المنتظم في القرنية أو العدسة، مما يساعد على تحسين الرؤية بشكل ملحوظ. هذه العدسات تُصمم خصيصًا لتتناسب مع احتياجات كل مريض، حيث تعمل على إعادة توجيه الضوء بحيث يتركز بشكل صحيح على الشبكية، مما يزيل التشوه الناتج عن الأستجماتزم ويتيح رؤية أكثر وضوحًا ودقة.
كيف يتم تصميم عدسات النظارات الطبية لعلاج الأستجماتزم ؟
العدسات المستخدمة في النظارات الطبية لعلاج الأستجماتزم لها تصميم مختلف حيث تحتوي على انحناءات مختلفة في أجزاء معينة من العدسة لتصحيح الانحناء غير المنتظم في العين. هذا التصميم المعقد يسمح للعدسة بتصحيح الأستجماتزم بالإضافة إلى مشاكل بصرية أخرى مثل قصر النظر أو طول النظر، مما يجعلها حلاً شاملًا لكثير من المرضى.
لماذا تعتبر النظارات الطبية هي الخيار الأفضل لعلاج الأستجماتزم ؟
1- سهولة التعديل
إحدى المزايا الكبرى للنظارات الطبية هي سهولة تعديلها وتغييرها مع مرور الوقت. مع تقدم العمر أو تغير احتياجات الرؤية، يمكن زيارة أخصائي العيون لتحديث وصفة النظارات وضمان استمرارها في تقديم أفضل مستوى من التصحيح البصري. هذه القدرة على التكيف مع تغييرات الرؤية تجعل النظارات حلاً مرنًا ومريحًا على المدى الطويل لعلاج الأستجماتزم.
2- الأبتعاد عن مخاطر الجراحة
وأيضا النظارات الطبية تعتبر خيارًا غير جراحي لعلاج الأستجماتزم، مما يعني أنها خالية من المخاطر المرتبطة بالإجراءات الجراحية. لا تتطلب النظارات أي نوع من التدخل الطبي المعقد، مما يجعلها حلاً آمنًا وسهلاً للاستخدام. يمكن للمرضى ببساطة ارتداء النظارات والاستفادة من تحسين الرؤية دون القلق بشأن مضاعفات الجراحة.
3- اختلاف التصاميم والالوان والأذواق
كذلك تأتي النظارات الطبية في مجموعة واسعة من التصاميم والأشكال التي تناسب مختلف الأذواق والاحتياجات. يمكن للمرضى اختيار النظارات التي تناسب مظهرهم الشخصي وأسلوب حياتهم، مما يجعل ارتداء النظارات ليس فقط ضرورة طبية ولكن أيضًا جزءًا من الموضة الشخصية. توفر هذه الخيارات المتنوعة فرصة للمرضى للشعور بالثقة والراحة أثناء ارتداء النظارات.
4- تكلفة أقل مقارنة بالعدسات اللاصقة والجراحة
مقارنة ببعض الخيارات الأخرى مثل العدسات اللاصقة أو الجراحة التصحيحية، تعتبر النظارات الطبية خيارًا اقتصاديًا ومعقول التكلفة. على الرغم من أن العدسات اللاصقة قد تتطلب تغييرات دورية ومصاريف مستمرة، فإن النظارات يمكن أن تدوم لفترة طويلة. هذا يجعلها خيارًا مفضلًا للعديد من الأشخاص الذين يبحثون عن حلاً فعّالًا واقتصاديًا لعلاج الأستجماتزم .